1ـ الديمقراطية:
من أكثر المصطلحات الرأسمالية شيوعاً، وأكثرها تعرضاً للتشوه والتحريف. وهذا المصطلح الإغريقي في جذره التاريخي، يعني حكم الأكثرية، والانصياع لرأي الأكثرية، ولكن مفاهيم كثيرة تداخلت حتى غدا هذا المفهوم أكثر من أن يعرف بكلمات قليلة.
وقد تأثر هذا المفهوم بشدة بالتطورات الحاصلة في الفكر السياسي ولا سيما بعد الهزات التي شهدتها الكنيسة الكاثوليكية، من انبثاق تيارات ومدارس فكرية وفلسفية أولها كانت التيار السكولاستي ومن أبرز شخصياته القس توما الأكويني، ومن ثم الهزة الكبرى التي مثلتها حركة المحتجين (البروتستانت) على يد القس الألماني مارتن لوثر. بيد أن التأثر الأعظم حصل في أعقاب عصر النهضة، وانبثاق التيار الليبرالي في السياسة، على يد مفكرين كجان جاك روسو، وديدرو، ومونسيكيو، وفي الاقتصاد على يد آدم سمث وريكاردو، وهنا ألتحم مفهوم الديمقراطية بشدة لا نجد لها انفصاما بالمفاهيم السياسية والاقتصادية الحديثة، فغدا هذا المفهوم يمثل الحرية المطلقة في الاقتصاد ورفع القيود عن الفئات المالية والتجارية والصناعية دون قيد وشرط، ورفض أي سقف أو حدود لنشاطاتها، واعتبرت بالتالي أي محلولة لوضع سقف لنشاطات رأس المال هي عملية غير ديمقراطية، وبذلك أصبح هذا المفهوم يمثل المصالح الرأسمالية.
واليوم تتهم الولايات المتحدة وسائر المنظمات، البلدان التي تنتهج مسيرة اقتصادية وسياسية واجتماعية لا تشايع ولا تساير السياسة الأمريكية بأنها غير ديمقراطية.
2ـ العالم الحر:
بدأ هذا المصطلح بالاستخدام في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبدء التوتر في العلاقات فيما يسمى بالشرق والمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي، والغرب والمعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ثم اشتد التوتر عندما كسر الاتحاد السوفيتي احتكار السلاح النووي عام 1949، ثم اندلاع الحرب الكورية، وفي أعقابها الحرب الباردة، وكانت أنشطة المخابرات العلامة الرئيسية فيه. أعتبر الغرب والولايات المتحدة شعوب المعسكر الاشتراكي (شعوب أسيرة) فيما أعتبر العالم الرأسمالي نفسه ب (العالم الحر)، وكانت الدول الغربية تمنح فوراً بموجب هذا المصطلح اللجوء السياسي لمن يطلبه من مواطني البلدان الاشتراكية.
3ـ النظام الدولي الجديد:
برز هذا المصطلح بعد المؤتمر الثنائي بين الرئيس الأمريكي جورج بوش، والرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف على ظهر بارجة حربية في المياه الإقليمية لدولة مالطة عام 1991.
وقد أراد مطلقوا هذا المصطلح الذي سوق على الفور في أجهزة الإعلام الغربية وعلى نطاق واسع، أن يعبروا أن عهد القطبية الثنائية التي كانت مرحلة تعبر عن ثنائية قطبية يمثل الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية طرفاً، له أجهزته السياسية والاقتصادية والعسكرية من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية والبلدان الرأسمالية المتحالفة معها، ولها بدورها أجهزتها السياسية والاقتصادية والعسكرية المعبرة عنها من جهة أخرى، قد أنقضى دون رجعة، وأن مرحلة أو عهد جديد قد حل تهيمن فيه الولايات المتحدة الأمريكية على مسرح العلاقات الدولية بصفة مطلقة.
بيد أن مطلقوا هذا المصطلح وجدوا أنه يفتقر بشدة إلى مستلزمات أساسية أهمها:
أ. الشرعية القانونية: فلم يسبق عبر التاريخ أن قامت جهة معينة بمفردها وصاغت قواعد للعمل والتعامل الدولي على كافة الأصعدة وفرضت تلك القواعد بوصفها لازمة التطبيق، دون إجراء المشاورات اللازمة، ودون أخذ رأي من يشملهم هذا النظام الدولي الجديد، فهذا لم يحدث حتى في عصور ما قبل الميلاد.
ب. الافتقار إلى الشرعية الدولية: فعلى الرغم من هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على الأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية، وسهولة استصدارها لأية قرارات تشاءها، إلا أنها تجاهلت ذلك، وتلك إشارة تستحق التسجيل.
ت. الشرعية الأخلاقية: وتعبر عن الشرعية الأخلاقية مبادئ حقوق الإنسان، والمبادئ التي قامت عليها منظمة الأمم المتحدة عام 1945 على الرغم من قوة ونفوذ الاستعمار القديم والجديد في تلك المرحلة.
ولهذه الأسباب مجتمعة وجد مطلقوا هذا المصطلح أنه ينطوي على عدوانية خفية، كشفت عنها السنوات اللاحقة عندما أعلن الرئيس الأمريكي بوش الابن، أن من لا يقف مؤيداً للسياسة الأمريكية فهو عدو لها ولذلك موقف تتعامل معه الولايات المتحدة بما لديها من أسباب النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري، فقرروا سحب المصطلح تدريجياً من التداول الرسمي والإعلامي.
وجدير بالإشارة، أن الإعلام الغربي ما زال يشير عرضاً إلى هذا المصطلح للإشارة أن أنه ما زال سار المفعول وإن بصفة غير مباشرة.
4ـ تأمين إمدادات الطاقة:
هذا المصطلح من أخطر المصطلحات التي تعود إلى عهد الاستعمار القديم وتحوله إلى الاستعمار الجديد في أعقاب الحر العالمية الثانية، عندما أصبح النفط مادة مهمة في استراتيجيات الدول الصناعية والاستعمارية، لأهميته الفائقة للصناعة، أو من أجل إدامة الماكنة العسكرية العملاقة للجيوش. حيث تضاعفت عدد الطائرات، وحاملاتها التي تضاعف دخولها في الخدمة العسكرية منذ الحرب العالمية الثانية فصاعداً، ناهيك هن استخدام الآليات بكثافة في الجيوش البرية، إذ أنهت الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، نهائياً سلاح الخيالة (الفرسان) وهو السلاح الذي كان الحاسم في المعارك الكبرى والصغرى على حد السواء.
إذن أصبحت الطاقة كلمة السر في استراتيجيات الدول العظمى، والساعية إلى تقاسم العالم، فبرز هذا المصطلح في مرحلة الخمسينات، عند اشتداد أوار الحرب الباردة، وتبعاً لذلك تضاعفت أهمية الشرق الأوسط بوصفه مستودع العالم الرئيسي للطاقة النفطية، وعندما صدرت عقيدة ايزنهاور (Eisenhauer Doktrin) عام 1958 والذي تضمن أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر منطقة الشرق الأوسط منطقة نفوذ حيوية لها ولا تسمح باختلال الموازين وتبدلات القوى فيه، أو احتمال منافستها، وأعقب ذلك الإنزال الأمريكي من مشاة الأسطول الأمريكي السادس (مقره نابولي / إيطاليا).
على أن الخطوة الأمريكية الأكبر تمثلت بإصدار الرئيس الأمريكي كارت لعقيدته التي مثلت التوجهات الاستراتيجية الأمريكية في مرحلة الثمانينات، باعتبار منطقة الخليج العربي منطقة نفوذ حيوية للولايات المتحدة ولإمدادات الطاقة، وسو تستخدم القوات المسلحة لإحباط أي مخاطر لإمدادات الطاقة.
وكانت الولايات المتحدة وفي أعقاب حرب تشرين الأول / أكتوبر قد شرعت بتشكيل قوات عسكرية مجولقة (منقولة جواً) أطلقوا عليها اسم (قوات التدخل السريع) ووضعت الخطط لاحتلال منابع النفط عند حدوث ما تراه الولايات المتحدة لاتخاذ هذا الإجراء.